جيل جديد من علاجات الربو

أكد المؤتمر الدولي للحساسية والمناعة الذي عقد بالولايات المتحدة مؤخراً أهمية علاج الحساسية والربو بمضادات «اللوكوترينات»، وهي أحدث علاج سواء للكبار أو الصغار، فيمكن إعطاؤها كعلاج أوحد في حالات الربو البسيط والمتوسط، أو أن تضاف للأدوية الأخرى في الحالات الشديدة، لتقليل معدل النوبات. من ناحية أخرى أعلن المؤتمر أهمية نجاحات الكورتيزون لكنه نبه إلى متابعة معدلات النمو لدى الأطفال المعالجين بها، حيث أشارت أبحاث أمريكية أن الجرعة الكبيرة منها تؤثر في نمو الطفل. وأكد العلماء المشاركون أهمية استخدام الأمصال المناعية مع العلاج بالأدوية لحساسية الأنف والصدر. وقد خصص المؤتمر جلسة لتقييم فاعلية مضادات اللوكوترينات في علاج الربو الشعبي لدى الأطفال والبالغين. وهذا الدواء آخر مجموعة دوائية ظهرت في نهاية القرن العشرين، حيث حصل العالم السويدي د. بنجد سمويلسون مكتشف هذه اللوكوترينات ومصادرها على جائزة نوبل عام 1982م ومنذ هذا التاريخ ظلت الأبحاث تركز على التوصل لمادة دوائية مضادة ومثبطة لعمل الليوكوترينات حتى أمكن بالفعل التوصل للمادة المضادة «مونتولوكست» وأجازتها هيئة الغذاء والدواء الأمريكية بعد أن أظهرت أبحاث الطبيب العالمي الدكتور تاشكين أستاذ ورئيس قسم الأمراض الصدرية بجامعة كاليفورنيا، أن إعطاء هذه الأدوية الحديثة كعلاج أوحد في الحالات الحقيقية والمتوسطة للربو الشعبي تؤدي إلى تقليل معدل الإصابة بالنوبات وإلى تحسن ملحوظ في وظائف الرئة. كما أن إضافة مضادات اللوكوترينات إلى الأدوية المستخدمة في علاج الحالات الربوية الشديدة والمزمنة تقلل من مدة المرض وتمنع بدرجة ملحوظة الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل، وتسمح لهؤلاء المرضى ببذل المجهود لدى التعرض لمخاطر الإصابة بأزمة ربوية. ونظراً لأهمية الدور الذي تلعبه الإصابة بفيروسات الأنفلونزا المنتشرة حالياً في زيادة حدة الحساسية الأنفية والصدرية، فقد أوصى العلماء بضرورة تطعيم مرضى الربو الشعبي وحساسية الأنف بلقاح الأنفلونزا، كما تم مناقشة الدراسات التي أجريت حول مثبطات إنزيم «نيود مينيدز» وهي مجموعة دوائية ظهرت حديثاً في أمريكا لعلاج الأنفلونزا تُعطى بالاستنشاق. وأوضحت الأبحاث فعالية هذه المجموعة في الوقاية والعلاج من فيروسات الأنفلونزا بأنواعها، مما يجعل هذا الدواء إضافة جديدة للامنتادين الذي يعمل ضد فيروس الأنفلونزا «أيه» فقط. كما تناول المؤتمر في عدة جلسات مشكلة حساسية الأنف والجيوب الأنفية، وأظهرت الدراسة التي قام بها الدكتور مليتزر أستاذ المناعة بجامعة كاليفورنيا ارتفاع نسبة الإصابة بالحساسية الأنفية إلى 25% من سكان أمريكا الشمالية، وهي ظاهرة عالمية. كما أشارت الدراسات أيضاً إلى وجود علاقة وثيقة بين حساسية الأنف والربو الشعبي، حيث ثبت أن حوالي 30% من مرضى حساسية الأنف يعانون من حساسية الصدر، وأن 80.5% من مرضى الربو الشعبي تظهر عليهم حساسية الأنف. وقد ناقش المؤتمر دور بخاخات الكورتيزون في علاج حساسية الصدر. وفيما يتعلق بمرض الإرتكاريا المزمنة، فقد تبين من المناقشات أنه ما زال مشكلة مستعصية لجميع الأطباء والمرضى على حد سواء وإن كان هناك إدراك متزايد لأهمية العدوى ببعض الأمراض الفيروسية ونشاط البؤر الصديدية في الجيوب الأنفية والأسنان والبروستاتا على زيادة حدة الارتكاريا لدى المصابين المزمنين بها. وخصص المؤتمر جلسة لمناقشة فعالية العلاج المناعي باستخدام الأمصال في حالات حساسية الصدر والأنف والربو الشعبي، وأكدت دراسة مسحية لأكثر من 900 بحث منشور منذ عام 1998م حتى الآن فاعلية العلاج باستخدام الأمصال في الإقلال من نوبات الربو ورفع كفاءة وظائف الرئة وتقليل الحاجة للعلاج بالأدوية، وتحقيق الشفاء التام لبعض الحالات لدى الأطفال، وذلك عكس التحفظات لدى بعض الأطباء تجاه العلاج المناعي في حساسية الصدر، كما تم التعرض أيضاً للجدوى الاقتصادية لعلاج الحساسية بواسطة الأمصال حيث أوضحت الدراسة التي قام بها الدكتور مالينج الأستاذ بجامعة كوبنهاجن بالدنمارك أن العلاج المناعي يحقق خفضاً كبيراً في نفقات العلاج، حيث يؤدي إلى الاستغناء عن العلاج بالعقاقير خلال ثلاث سنوات في نسبة كبيرة من مرضى حساسية الأنف، كما يؤدي إلى تقليل استخدام العقاقير لمرضى الربو الشعبي وإيقاف إعطاء مشتقات الكورتيزون بشكل ملحوظ في حالات الربو الشعبي الشديدة المزمنة. وأوصى المؤتمر في ختام جلساته بوجوب إعطاء العلاج بأمصال الحساسية أهمية مساوية للعلاج بالعقاقير للسيطرة على مشكلات حساسية الصدر والأنف التي تتزايد عاماً بعد آخر. كما أعلن باحثون أن عقاراً تجريبياً، مُهندس جينياً للربو يمكن أن يقدم للمرضى علاجاً جديداً كلياً من دون التأثيرات الجانبية الخطرة لعقاقير السترويد(مركبات من الشحميات الشبيهة بالكوليسترول)، وهي الدواء النموذجي للعديد من المرضى، ففي دراسة نشرت حديثاً في مجلة (نيو إنفلاند) الطبية، كشف الباحثون عن أن حوالي ربع مرضى مصابين بالربو الذين كانوا يستنشقون السترويد، تمكنوا من التوقف عن تناول هذه العقاقير بعدما عولجوا بالعقار الجديد، كما أن ثلث الذين كانوا يتناولون السترويد الفموي أقلعوا عنه. وقال المشرف على الدراسة. د. هنري ميلغروم: سيشكل هذا اختراقاً، والعقاقير الجديدة مثل هذا العقار ستكون الوصفة السحرية لعلاج الربو، وخلال السنوات الماضية، كانت عقاقير السترويد تستخدم على نطاق واسع لعلاج الربو المعتدل إلى الحاد، ولكن ثبت فيما بعد أن استخدامها على مدى طويل يعوق نمو الأطفال، وتخلخل العظام لدى البالغين، فضلاً عن نزف المعدة وارتفاع ضغط الدم ومستوى السكر في الدم وزيادة الوزن. ويحقن العقار الجديد في الوريد، وهو يصنع عن طريق وصل جزئي دقيق من جسم مضاد لفأر مستنسخ بجسم مضاد بشري، ومن المقرر أن يتم التقدم بطلب إلى إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية لإجازة بيعه في غضون الأشهر القليلة القادمة. علاج الربو بالجينات أعلن فريق من الباحثين الأمريكيين في مصنع لورانس بيركلي أنهم تمكنوا من تحديد اثنين من الجينات الوراثية يسهمان في الإصابة بمرض الربو الشعبي، وأكدوا إن هذا الكشف سيساعد على خفض القابلية للإصابة بأزمات الربو، أنهم أجروا دراسة ثبت فيها أن إجراء تعديل طفيف في الجين يمكن أن يوفر علاجاً للأشخاص الذين يعانون من مرض الربو. وأثبتت التجارب التي أجريت على الفئران أن التحكم في الجينين اللذين أطلق عليهما اسمي «إي-إل-4» و «إي-إل-13» يمكن أن يقلل من أخطار التعرض للأزمات مما يفتح الباب أمام تطوير علاج جديد أكثر فعالية للربو.