رغم ما يبذله العلماء والباحثون من جهود حثيثة سعياً للوصول إلى حل لمشكلة الربو، إلا أن ازدياد معدل الإصابة بالمرض وانتشاره لايزالان يمثلان لغزاً محيراً للجميع. وتبدأ المشكلة أساساً عندما يتأثر جهاز المناعة بأي هجوم خارجي يصيبه بالحساسية. فعندما يدخل التهديد الخارجي إلى الجسم تحدث عدة تفاعلات يتم إثرها إفراز الهيستامين وعدة كيميائيات حارقة. وإذا وصلت هذه الإفرازات إلى منافذ الهواء العليا فستسيل أنف المريض وتصل الأزمة بعد ذلك إلى الرئة عندما تمتلئ منافذ الهواء الصغرى بالهيستامين فتمتلىء بمادة مخاطية، ويشعر المريض باختناق في صدره عندما تمتلئ هذه الممرات. وهناك عوامل كثيرة جداً، بعضها معروف وبعضها لايزال غامضاً، تؤدي إلى الإصابة بالربو، فالأطفال الرضّع الذين يعيشون في بيت فيه مدخّن واحد على الأقل تكون نسبة إصابتهم بالمرض أكثر من الأطفال الذين يعيشون في منازل لا يدخّن فيها أحد ثلاث مرات. إلا أن الأطفال الذين يعيشون في منازل لا يدخن فيها أحد يعانون أيضاً المرض. ففي المنازل هناك عدد من مسببات الربو، منها التراب الكامن في السجاد والأغطية والمفروشات، وكذلك الصراصير والرطوبة والفطريات حتى الحيوانات الأليفة وبعض الروائح التي تنتشر في أجواء المنازل قد تؤدي إلى الإحساس بالمرض. ومن الممكن التعايش بدون مشكلات مع الربو ولاسيما إذا وصف العلاج الصحيح للمريض، ولكن يبقى التحدي الأكبر في كيفية تجنبه والوقاية منه. فهناك عامل آخر يؤدي إلى الإصابة بالحساسية، هذا العامل هو الجينات الوراثية التي تلعب دوراً في المرض، فالأطفال الذين لديهم آباء مصابون بالربو يرثون الربو بنسبة تزيد على غيرهم بحوالي «3-6» مرات. وقد أشارت دراسات أجريت حول المرض إلى أن الأطفال الذين يعيشون في المدن والمناطق الصناعية يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض من الأطفال الذين يعيشون في المناطق الريفية. ومسببات المرض في المدن والمناطق الصناعية عديدة، منها المسبب القوي وهو تلوث الهواء حيث تصل نسبة دخول المصابين للمستشفيات من «20%-30%» إذا ارتفعت نسبة التلوث في الهواء. ومع ذلك، فإن تلوث الهواء ليس هو السبب الوحيد، فعلى الرغم من ارتفاع نسبة التلوث عشر مرات، إلا أن أطفال ألمانيا كانت تقل عندهم نسبة الإصابة بالمرض. وإذا كان الجو الخارجي ليس السبب، فربما يكمن ذلك في جو المنازل الداخلي، فالأطفال الآن يقضون أوقاتاً طويلة داخل المنازل ويمارسون الألعاب والهوايات الأخرى المختلفة التي أنتجتها التكنولوجيا الحديثة. فهناك ألعاب الفيديو والكمبيوتر والتلفزيون، وكل هذه المسليات تجعل الأطفال يقضون وقتاً أطول حيث السجاد والحيوانات الأليفة والنوافذ المحكمة الإغلاق والإشعاعات الصادرة في كل مكان، بالإضافة إلى الحشرات المنزلية المختلفة ولاسيما في المناطق الفقيرة المحرومة من أبسط مقومات النظافة. ومن أجل تجنب الإصابة بالحساسية وتعريض الأطفال لذلك وخصوصاً أن أجهزتهم المناعية لا تستطيع مقاومة الأتربة والأدخنة، يتعين البحث عن طرائق أسهل لمنع الإصابة بالحساسية أو على الأقل تخفيفها ويتعين اتباع الطرائق الأولية والهامة والبحث عن تنقية الأجواء الداخلية للمنازل بصفة مستمرة.